سورة التوبة - تفسير تفسير المنتخب

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (التوبة)


        


{إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40) انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (41) لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (42)}
40- يا أيها المؤمنون، إن لم تنصروا رسول الله فإن الله كفيل بنصره، كما أيَّدَه ونصره حينما اضطره الذين كفروا إلى الخروج من مكة. وليس معه إلا رفيقه أبو بكر، وكان ثانى اثنين، وبينما هما في الغار مختفين من المشركين الذين يتعقبونهما خشى أبو بكر على حياة الرسول، فقال له الرسول مطمئناً: لا تحزن فإن الله معنا بالنصر والمعونة. عند ذلك أنزل الله الطمأنينة في قلب صاحبه، وأيَّد الرسول بجنود من عنده، لا يعلمها إلا هو سبحانه. وانتهى الأمر بأن جعل شوكة الكافرين مفلولة ودين الله هو الغالب، والله متصف بالعزة فلا يقهر، وبالحكمة فلا يختل تدبيره.
41- أيها المؤمنون، إذا دعا داعى الجهاد فلبوا النداء أفراداً وجماعات- كل على قدر حاله- ناشطين بالقوة والسلامة والسلاح، وجاهدوا بالمال والنفس في سبيل إعلاء كلمة الله. ففى ذلك العز والخير لكم.. إن كنتم من أهل العلم الصحيح والمعرفة الحقة.
42- ندد القرآن بالمنافقين في تخلفهم عن متابعة الرسول في الجهاد، فقال: لو كان ما دعى إليه هؤلاء المنافقون عرضاً من أعراض الدنيا قريب المنال، أو لو كان كذلك سفراً سهلا، لاتبعوك- أيها الرسول- ولكن شق عليهم السفر وسيحلفون أنهم لو استطاعوا لخرجوا معك، وبهذا النفاق والكذب يهلكون أنفسهم، والله لا يخفى عليه حالهم، فهو يعلم كذبهم وسيجزيهم على ذلك.


{عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ (43) لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (44) إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ (45) وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ (46) لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (47)}
43- لقد عفا الله عنك- أيها الرسول- في إذنك لهؤلاء المنافقين في التخلف عن الجهاد، قبل أن تتبيَّن أمرهم، وتعلم الصادق من أعذارهم إن كان، كما تعرف الكاذبين منهم في ادعائهم الإيمان وفى انتحال الأعذار غير الصادقة.
44- ليس من شأن المؤمنين حقاً بالله، وحسابه في اليوم الآخر، أن يستأذنوك في الجهاد بالمال والنفس، أو في التخلف عنك، لأن صدق إيمانهم يحبب إليهم الجهاد في سبيل الله. والله يعلم صدق نِيَّات المؤمنين.
45- إنما يستأذنك الذين لا يؤمنون إيماناً صادقاً بالله وحسابه في اليوم الآخر، فإن قلوبهم دائماً في شك وريبة، وهم يعيشون في حيرة، وسينالون جزاء ذلك.
46- ولو صدقت نيَّة هؤلاء المنافقين في الخروج مع الرسول للجهاد، لأخذوا أهبة الحرب واستعدوا لها، ولكن الله كره خروجهم لعلمه أنهم لو خرجوا معكم لكانوا عليكم لا لكم، فعوّقهم عن الخروج بما امتلأت به قلوبهم من النفاق، وقال قائلهم: اقعدوا مع القاعدين من أصحاب المعاذير.
47- ولو خرجوا معكم إلى الجهاد ما زادوكم بخروجهم قوة، ولكن يُشيعون الاضطراب أو يُسرعون إلى الفتنة، ويشيعونها فيما بينكم، وفيكم مَنْ يجهل خُبث نيَّاتهم، ويمكن أن يُخْدَع بكلامهم، أو لضعفه يسمع دعوتهم إلى الفتنة، والله عليم بهؤلاء المنافقين الذين يظلمون أنفسهم بما أضمروه من الفساد.


{لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ (48) وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ (49) إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ (50) قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (51) قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ (52) قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ (53)}
48- وقد سبق أن سعى هؤلاء المنافقون بالفتنة فيما بينكم، ودبروا لك- أيها الرسول- المكايد، فأحبط الله تدبيرهم، وحقق نصرك، وأظهر دينه على الرغم منهم.
49- وبعض المنافقين كان يقول للرسول: ائذن لى في القعود عن الجهاد، ولا توقعنى في شدة وضيق. إنهم بهذا الموقف قد أوقعوا أنفسهم في معصية الله، وإن نار جهنم لمحيطة بهم في اليوم الآخر.
50- هؤلاء المنافقون لا يريدون بك- أيها الرسول- وبأصحابك إلا المكاره، فيتألمون إذا نالكم خير من نصر أو غنيمة، ويفرحون إذا أصابكم شر من جراح أو قتل، ويقولون حينئذ شامتين: قد أخذنا حذرنا بالقعود عن الخروج للجهاد، وينصرفون مسرورين.
51- قل لهم أيها الرسول: لن ينالنا في دنيانا من الخير أو الشر إلا ما قدره الله علينا، فنحن راضون بقضاء الله، لا نغتر بالخير نناله، ولا نجزع بالشر يصيبنا، فإن الله وحده المتولى لجميع أمورنا، وعليه- وحده- يعتمد المؤمنون الصادقون.
52- قل لهم- أيها الرسول- ليس لكم أن تتوقعوا شيئاً ينالنا إلا إحدى العاقبتين الحميدتين، إما النصر والغنيمة في الدنيا، وإما الاستشهاد في سبيل الله والجنة في الآخرة، ونحن ننتظر لكم أن يوقع الله بكم عذاباً من عنده يهلككم به، أو يعذبكم بالذلة على أيدينا، فانتظروا أمر الله، ونحن معكم منتظرون أمره.
53- قل- أيها الرسول- للمنافقين، الذين يريدون أن يستروا نفاقهم بإنفاق المال في الجهاد وغيره: أنفقوا ما شئتم طائعين أو مكرهين، فلن يتقبل الله عملكم الذي أحبطه نفاقكم، إنكم دائماً متمردون على دين الله، خارجون على أمره.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8